الأحد، 12 يوليو 2009

وضعنا

وضعنا في بغداد

الكثير من أهلي وأصدقائي وجيراني غادرونا و زملائي في العمل كذلك غادرونا أو ماتوا المهم غادرونا من بقي منهم هم القلة ممن لم تهاجر و تذهب إلى بلد شقيق أو على أقل تقدير ذهبوا إلى شمال الوطن لذا لم أعتبر فراقهم هجرة.

كيف لا أعتبره هجرة وأنا لا استطيع لقائهم بسهولة – رب قائل وهل الشمال ببعيد, أذهب لزيارتهم – فأقول له من المجنون الذي يستطيع تحمل مشقة السفر وخطورته.

لا تقل لي هناك السفر الجوي فمطار بغداد الدولي مفتوح والحمد لله والخطوط الجوية جاهزة بطائراتها المؤجرة وهي المحالة على المعاش أصلا – مثلي فانا محال على المعاش وواقع تحت تعسف موظفي دائرة التقاعد وموظفات المصرف الذي يحال له (معاشي) الذي يتكرمون به علي كما لو كانوا يتصدقون به علينا وأمثالي من المتقاعدين الذين أفنوا شبابهم في البقاء للعمل بالوطن وخدمة بلدهم ومواطنيهم ( في الوقت الذي كانت به الفرص متاحة أمامهم للمعيشة والعمل في الغرب أو الشرق).

أخذني الشرح فحتى تذهب لمطار بغداد الدولي يلزمك تأجير سيارة بـ 75.000 دينار حوالي (65$) مع البخشيش الذي لا يستحي سائق التكسي من طلبه بعد أن يكون قد بكى و أنتحب طوال الطريق قاصا عليك الظروف الصعبة التي يمر بها وعائلته.

وهكذا بقيت وعائلتي في بغداد الحبيبة حبا بها أولا وكرها لتركها ثانية وثالثا خوفا من المجهول خارج أسوارها وخاصة لمن لم يكن عنده ما يؤمن معيشته في بلاد الغربة أو حتى التمكن من الوصول إليها.

ولكن كيف يعيش أغلب الناس في بغداد الآن, فبسيطة و لك الإحصائية:

  • معدل الدخل الشهري (لذوي الخدمات الطويلة): لا يكفي لعائلة من خمسة أفراد فهو بين 800.000 إلى 1.100,000 دينار أي حوالي 700$ إلى 950$ وهو ما يكفي والحمد لله للطعام فقط فـ (كيلو اللحم 12.000 و الفاكهة مثلا 2.000 دينار).
  • السكن وما أدراك ما السكن خصوصا إذا لم يكن للشخص بيت خاص أو كان يسكن مع أبويه أو أحد أقربائه من العائلة ممن تصدقوا عليه فآوه تحت جناحهم – فأن هذا سيحتاج بالمعدل ( 450.000 – 600,000 إلى 1.000.000 دينار) أي (380 – 500 إلى 900$) شهريا.
  • الكهرباء في فصل الصيف تحتاج ما بين 250.000 إلى 400.000 دينار أي حوالي (200$ إلى 340$ ) وهي الكهرباء المسحوبة من مولدة الحي من الساعة الثانية ظهرا إلى الساعة السادسة صباحا علما بأن توفر الكهرباء الوطنية لا يكون لإكثر من 4 –5 ساعات باليوم .
  • النقل و الوقود (البنزين) – فأنك تحتاج لـ (15 –25 $) أسبوعيا, هذا إذا كنت تملك سيارة من سيارات المنفيس (السيارات الخردة التي جمعت من سكراب شرق آسيا وأوربا والتي سمحت الحكومة للمواطنين باستيرادها, تفضلا) فالنقل الخاص مع كثرته بدون رقابه والرحلة الواحدة لأقل مسافة هو (5.000 – 18.000 دينار), وهكذا الأجرة هي أغلى من أي أجرة في البلدان المجاورة, حتى تلك التي تستجدى بترولها من العراق, والتي تتبرع به حكومة العراق لهم وهي تضحك.
  • الوضع الامني - فهو موضوع شائك ويعتمد على الاجتهادات الشخصية لرجل المرور والحرس الوطني والشرطي وللذي وكل نفسه على هذا الشعب المسكين, فرجال المرور حرامية و (قفاصه) بكل معنى الكلمة ولذلك تراهم طول عمرهم مهتوكين ( فمال المي للمي ومال اللبن لللبن, مثل قديم) والحديث عنهم يطول فهم من أخس خلق الله, ورجال الحرس الوطني لا يتفاهمون , أما الشرطة الوطنية فهم بنفس أخلاقهم القديمة منذ تأسيس حكومة العراق في عشرينيات القرن الماضي وزادوا سوء.
  • المقاهي والملاهي – في الواقع لا أعرف عنها الكثير ولكن الملفت للنظر كثرة محلات بيع المشروبات الكحولية حيث توزعت في المناطق السكنية بين البيوت وجوار وقرب الجوامع!.
  • المعاملات – ببساطة الرشوة منتشرة واللي ما يعرف تدابيره حنطة تأكل شعير – مثل قديم.
  • العلاج الطبي – الأحسن نسيان الموضوع والدعاء لله الواحد القهار أن لا يمرض عبده و يكفيه شر مزيد من الذل, فأطباء العراق قد غادروه هربا وخوفا وأصبح أغلبهم يعملوا (تمرجية) تحت أيادي تلامذتهم في دول الجوار.
  • المسئولين – فهم أنفسهم ينطبق عليهم القول الشائع (نزعوا الزيتوني ولبسوا الزبوني) إضافة إلى الواردين من الخارج أو المستوردين من الخارج فأغلبهم لا علم ولا هيبة ولا أخلاق ويتسموا بالحقد والشعور بالنقص وحب الانتقام حتى من أنفسهم إذا وقع نظرهم عليها.

هذا هو وصف بسيط لواقع الحال اليومي من شخص أبسط من البسيط وأضعف من الضعيف, أما المواضيع الأخرى من تملك للسيارات أو قطع الأراضي والأملاك والعقارات فهي خارج مجال التفكير أو الطموح ....


مهند الشيخلي .... muhannad alsheikhly

ليست هناك تعليقات: