*الطربوش *
يخفي فضيحة تاريخية ؟!
سأقص عليكم قصة حقيقية مختصرة ...
وهي قصة الطربوش للإفادة والمتعة ومعرفة بعض حقائق الفلكلور التاريخي عندنا....
الطربوش ليس تركي ولا إسلامي ولا يمت للأمة الإسلامية بأي صلة قربى !!
قصة هذه القبعة الحمراء القانية الإسطوانية تبدأ بعد الفتوحات العثمانية لدول البلقان بعشرات السنوات , وبالذات في منطقة صربيا...
فقد كانت النسوة في المناطق الجنوبية من صربيا بالقرب من كوسوفو الحالية لها لباس فلكلوري قديم ، فيه قبعة تشبه الطربوش الذي نعرفه ...
القصة بدأت بعد وصول طلائع الجيش العثماني لتلك المنطقة الصربية ، وفي إحدى الليالي الماجنة , كان قائد جيوش السلطنة العثماني في البلقان يرعى حفل ساهر (لا يحضره كاظم الساهر) هو وقواده العسكر وأعيان البلد ، وكانت النساء الماجنات ترقص أمام هذا القائد وهي ترتدي هذه القبعة الشبيهة بالطربوش ، وطبعاً كان الشراب والسكر بأعلى مراحله فثمل هذا القائد , وقامت إحدى هذه النسوة بإلباس قبعتها على رأس القائد الأعلى للجيش أمام الجميع ..
فما كان من القادة والجند والحضور إلا الضحك على هذا المشهد ، وبدأ البعض بإطلاق النكت والإستهزاء بالمذكور أعلاه .
وفي اليوم التالي عندما ذهبت السكرة وأتت الفكرة سرب بعض المقربين من القائد (العواينيه) ما حدث له ليل أمس من وضع مخز أمام القادة والعامة والجند , فما كان من هذا القائد وبعد تفكير عميق سوى أن يأمر كل من كان في الحفل أن يرتدي هذا الطربوش ..ولم يكن يقابل أحد من القادة إلا بعد أن يلبس هذا الطربوش..
وبعد رجوع القائد المظفر من منطقة الفتوحات إلى العاصمة الأستانة ( اسطنبول ) أعجب الفخد الأيمن (عفواً الصدر الأعظم) بهذه الموضة الجديدة لقادة العسكر وسعى لنشرها ...
وبمرور السنوات انتشر هذا التقليد الذي كان يتبع بالأساس لفتاة ماجنة . ولاأحد عندنا للأسف يعلم قصة الطربوش ( وهذا من سعة المعرفة عند شعوبنا ) ولو علم كبار قومنا في السابق ما قصة الطربوش لكانت فضيحة تاريخية بحق كبار أقوام العرب والأتراك ومن لف لفهم , وهذا يدل على الجهل المشهور عندنا ...
ففي الماضي كان الرجل لايثبت رجولته إلا بعد أن يضع قبعة العاهرات تلك . وكبار القوم كانوا يفتخرون به ، ومنهم بعض العلماء الذين اضافوا عليه عمامه تلفه ويكون سمكها حسب كل شيخ فمنهم من يريد العمامة على الطربوش سميكة وكبيرة ومنهم من يريدها صغيرة ، مما أدى لظهور قبعة غريبة عبارة عن 2 بواحد (عمامه وطربوش)..
وكان بعض العلماء يستهزؤون بالشباب وينهوهم على اللباس الذين يقلدون الغرب فيه ، مع أن أكابر علمائنا والأعيان كانوا يلبسون قبعة العاهرات تلك ، وكانوا ينظرون للشباب على أنهم يخرجون عن تقاليد لباسنا التاريخي الذي يفتخرون فيه ، مع أن هذا الطربوش لا يمت لنا بأي تاريخ وليس بجميل بل وليس بمريح ، فهو كبير ويسقط بسرعة ومن الجوخ الذي يرفع حرارة الرأس (فمثلا إذا تعرق الشخص الذي يلبسه تظهر علائم التعرق على الطربوش من الأسفل إلى الأعلى بالتدريج حسب درجة الحرارة التي يشعر بها من يلبسه) ...
هذا هي قصة الطربوش بإختصار ، الذي لم يكن يلبسه سوى (الآكابر والعلماء) .
*ناصر قنواتي*
************
اضافة على قصة الطربوش :
بالنسبة لهذا المنتج ، حتى الآن هناك أقوال كثيرة كتبت عنه .. وللعلم لم يلبسه سلاطين الدولة العثمانية إلا بعد عام 1808 ميلادية أيام السلطان محمود الثاني , فقبله كان جميع السلاطين يلبسون العمامة , حتى أن محمد علي والي مصر لبس العمامة ثم استبدلها بالطربوش , فقد كانت العمامة تدل على الإنتماء الإسلامي طيلة فترات الحكم الإسلامي يلبسها العلماء والحكام والأعيان من أيام الرسول الكريم وحتى نهايات العهد العثماني .. وليس تلك القبعة التي سميت بالطربوش ..
ولكن تدخل السياسة كالعادة ألزم الشعوب بتغيير عاداتها وتقاليدها ولباسها ومنها الطربوش .. فتخيلوا أنه تم إلزام الجيوش العثمانية بالقرن 19 بلبس الطربوش مع أنه غير مريح وغير عملي في المعارك , وتم إجبار إلباسه للجيش المصري ، حتى أن هناك أقوال أن من أحد أسباب خسارة معركة للجيش المصري في السودان لبسهم للطربوش , بسبب ظهور المقاتلين أمام أعدائهم بشكل ملفت وواضح للعيان ..
وأيضاً للعلم أتاتورك أمر بإلغاء لبس الطربوش عام 1926 بدعوى التجديد وأنه غير مريح وسبب كوارث بالحرب العالمية الأولى ( طبعاً دون أن ننسى معاداة أتاتورك لكل شيء يدل على العادات والتقاليد والدين والإنتماء الإسلامي , ولهذا بحث طويل ).. حتى أن جمال عبد الناصر أمر بإلغاء الطربوش بالخمسينات وكانت حجته أنه غير عربي ويرمز للإستعمار العثماني وللإقطاع .. وكذلك الرئيس السوري السابق حسني الزعيم أصدر مرسوم جمهوري عام 1949 بعدم لبس الطرابيش للموظفين ...
الطربوش ليس إسلاميا بالتاريخ مع أن البعض سابقاً اعتبره إسلامي ، وكل دولة وشعب وضعه ضمن تراثه وفلكلوره من المغرب وحتى تركيا .. وأكبر دليل هو عدم وجوده نهائياً في التاريخ الإسلامي سوى في الفترات المتأخرة ..
ولاننسى أن الدين الإسلامي ليس مظاهر ولباس وطرابيش إنما علم ومعرفة وأخلاق وإتباع ..
طبعاً الموضوع ليس نقد للدولة العثمانية وخاصة أن أول 350 عام من تاريخها كان مشرف للمسلمين في معظمه .. فما تم ذكره فقط توضيح لزي اعتبره البعض تاريخي وإسلامي ، وغير ذلك من أمور جعلت البعض يفتخر بلباس ليس من عاداتنا وليس عملي ابداً .. اتمنى قراءة المقال من هذه الناحية ..
ولتوضيح أمر هام آخر ويجب على الجميع قراءته بالتاريخ العثماني وهو أن أول سلطان لبس الطربوش (محمود الثاني) ولقب بالسلطان (الكافر) ؟؟ حكم بين 1808 إلى 1839 وهذا اللقب أطلقه عليه معارضيه من الشعب بسبب محاولاته تقليد الغرب مع أن هذه المحاولات بقيت محصورة في الشكل الخارجي فقط ...
وظن انه بذلك يرسم مقاييس الحضارة الحديثة فأستبدل العمامة بالطربوش ، وادخل الزي الأوروبي ، وأمر أن يكون هو الزي الرسمي لكل موظفي الدولة العسكريين منهم والمدنيين..
وقلده بعد ذلك الكثير من رجال السياسة والدين وغيرهم لأسباب متعددة ....
والسلام عليكم ....
* *(منقول عن صديقي Nasser Kanawati)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق