الخميس، 16 يوليو 2009

قوانين استثمار النفط في العراق

قوانين استثمار النفط في العراق

هل تعرف من فكر بقانون سحب المناطق غير المستثمرة من قبل الشركات النفطية قبل صدور قانون رقم 80 لسنة 1961.


كثر الكلام وكثرت الاتهامات هذه الأيام وانطلق المتظاهرون في البصرة والمتململون في بغداد وفي وزارة النفط خصوصا, عن وجود صفقات وسرقات لثروات البلد و و و , وتأخر أو عرقلة لصدور قانون للنفط , ويقولون بأنه "إذا تمت المصادقة على هذا القانون من قِبل البرلمان فهو إلغاء للسيادة وتسليم ثروات هذا الجيل والأجيال المقبلة كهدية للمحتل". وأن هناك قانون نافذ المفعول لحد هذه اللحظة وهو قانون رقم 80 لسنة 1961 و أن صدور أي قانون جديد أو المصادقة عليه سيدمر " منجزات جماهير العراق، وخاصة قانون رقم 80 لسنة 1961، وتأميم النفط عام 1973
"

الذي يهمني هنا هو قانون رقم 80 لسنة 1961 والذي ينسب إلى الحكم الجمهوري ولعبد الكريم قاسم شخصيا بعد مؤامرة 14 تموز 1958 والقضاء بالغدر على العائلة المالكة الشهيدة وآخرين من حكام وقادة ذلك الزمان.

هل هناك من يعلم بأن هذا القانون الذي يتباهون به الآن هو من أفكار وتخطيط المرحوم نوري باشا السعيد الذي عامله العراقيون للأسف أسوء المعاملة قتلوه ومثلوا بجته شر تمثيل ثم حرقوها ويبدوا أن هذا هو أسلوب التعامل مع الشرفاء والوطنيين الحقيقيين, والتي بدأت على هذا الشكل [القانون رقم 80 - بين نوري السعيد و أحمد مختار بابان و عبد الكريم قاسم و محمد حـــديد ] وأليكم القصة بالكامل :

*****

القانون رقم 80

بين نوري السعيد و أحمد مختار بابان و عبد الكريم قاسم و محمد حـــديد

’’ كانت البحرية البريطانية تؤكد عام 1919م ؛وبدون أية دلائل أو مؤشرات أضافية أن حقول نفط ’مابين النهرين Mesopotamian ‘هي الأكبر في العالم .لذا فمن السخف و الجنون التنازل عن أي جزء منها لفرنسا وبغض النظر عما نصت عليه [اتفاقية] سايكس – بيكو . وقد أوضح ليو أيمري ؛مساعد لويد جورج (رئيس وزراء بريطانيا ) الامر كثر بقوله ’تمتد أكبر حقول النفط في العالم على طول الطريق إلى الموصل وما حولها ؛ وما بعدها ‘ . أما اللورد جورج كيرزون (وزير الخارجية والاستعماري الخبير والعريق والمثقف جداً فقد فاق الجميع في تحديد أهمية النفط قائلاً ’ أن قضية (سفينة ) التحالف الغربي أبحرت نحو النصر على أمواج النفط ‘[1]. أما وزير النفط الفرنسي هنري بيرنجير فقال وبالفرنسية أنه يعتقد أن ’النفط هو دم الارض و دم النصر ؛حققت ألمانيا تفوقاً في الحديد والفحم ولكنها لم تتحسب لتفوقنا في النفط .لذا وكما كان النفط دم الحرب فسيكون دم السلام .ففي هذه الساعة ,ومع بدء السلام فكل شعوبنا المتحضرة , وصناعاتنا؛ وتجارتنا وفلاحونا يطالبون بالمزيد من النفط ؛ ودائماً المزيد من النفط ؛المزيد من البنزين ( الكازولين) ؛ودائماً بالمزيد من البنزين ثم أنفجر وبالانكليزية ؛ ’’ مزيداً من النفط ؛ والى الابد مزيداً من النفط [2] ‘ .

العهد الملكي و قانون رقم /80

كتب الي الصديق العزيز الدكتور رمزي برنوطي مشكوراً عن بعض ما أطلع عليه المرحوم والده حول نفط العراق من خلال ترجمته نص أنكليزي لمطالب الحكومة العراقية عام 1958م؛ باستعادة ما لم يستغل للتنقيب عن النفط من أراضي الامتياز داخل العراق :-

’’ عمل والدي المرحوم نايف برنوطي عمل منذ سنة 1941 رئيسا لشعبة الترجمة في شركة توزيع المنتجات النفطية في العراق ( مجاورة لسينما الخيام في شارع) ثم انتقل بعد مؤتمر أوبك الأول الذي عقد في بغداد بنفس عنوان وظيفته في شركة نفط العراق ’’ومقرها حينذاك البناية المجاورة لوزارة التخطيط ‘‘.

كان رحمه الله أول مترجمين اثنين في مؤتمر منظمة أوبك المنعقد في بغداد للترجمة من الإنكليزية إلى العربية ، بينما تولى الاخر الترجمة من العربية إلى الإنكليزية وهو موظف أرمني ويعمل في شركة توزيع المنتجات النفطية أيضاً.

يتميز والدي بذاكرة قوية جدا ودقة بالغة في تعابيره وترجمته كما أنه كان نبيهاً جداً في ملاحظاته عما يرى ويسمع من أحداث . وكنا -أي -أفراد العائلة ، ومنذ ما بعد ثورة 14 تموز 1958، نشتري 3-5 صحف يومية لكافة الاتجاهات ، ومنها الصحيفة الإنكليزية (بغداد تايمز ؟ أو عراق تايمز؟) . وفي مساء اليوم الذي نشر فيه القانون رقم 80 في الصحف المحلية ، وبعد قراءة والدي النص باللغة العربية بدقة ،التفت إلي قائلاً :

رمزي: لقد ترجمت أنا هذا القانون قبل 3 سنوات !!! .

ثم أضاف :

سنة 1958 حضر مقر عملي في شركة توزيع المنتجات النفطية (وكنت في أكثر الأيام أعمل بعد الظهر أيضاً ) حضر شخص وأبلغني أن نوري السعيد يطلبني، وأن سيارة بانتظاري لأخذي أليه !!. قلقت جداً كوني لا أتعاطى نهائيا بالسياسة ولست موظفاً فنياً أو إدارياً إضافة إلى أنني

لم التقي نوري السعيد (الباشا ) طوال حياتي إلا أنني لم استطع الرفض. وصلت داره في جانب

الكرخ وكان الباشا في استقبالي . وبعد الترحيب التقليدي والمجاملات ، قال أنه سمع عن كفاءتي كمترجم كما تـأكد من إخلاصي الوظيفي وأمانتي. وبعد أن شكرته قال أن لديه كتاب سري للغاية ويرجوني ترجمته وطبعه على الآلة الطابعة بيدي ، أي ألا أسلمه لكاتب الطابعة . ثم علي أن احرق المسودات وحتى الكربون المستخدم لطبع النسخ الأخرى. وأضاف انه وبعد انتهائي من ترجمة الكتاب وطبعه بعدد ( محدد ) من النسخ ، أن أجلبه شخصيا إلى داره وأكد علي بان أسلم الترجمة له شخصيا أو للهانم فقط ( يقصد زوجته) وكرر تاكيده بأن لا أسلمه إلى أي شخص ثالث بتاتاً حتى لو كان أبنه صباح . ثم لمح لي بان عدم الالتزام بالسرية سيضرني كثيراً ، وهو تهديد مبطن واضح . يقول المرحوم الوالد قائلاً : تبين لي فيما بعد بأن الكتاب المطلوب ترجمته هو قانون يتعلق باسترجاع حقول نفط غير مستثمرة من شركة نفط العراق .

أكملت الترجمة خلال أيام وكنت أقوم بالترجمة بعد أوقات الدوام حيث لا يتواجد موظفوا شعبة الترجمة ، وطبعت أوراقها بيدي ثم مزقت المسودات وأوراق الكاربون .

بعدها ؛ ذهبت عصرا إلى بيت الباشا الذي استقبلني مرحبا وطلب مني البقاء لشرب الشاي.

وخلال فترة تواجدي معه سألته قائلا : باشا ،لماذا كل هذه السرية ,وما موجب تأكيدك المتكرر علي بالتكتم على الموضوع طالما أنه سينشر يوما ما بالتأكيد .

أجاب بما لم أكن أتوقعه فقال : حال عودة المجلس النيابي للانعقاد ( وكان المجلس في عطلة أيامها ) سافاجيء النواب بتقديم القانون للحصول على موافقتهم ’’ وقبل أن يحرك الإنكليز عملائهم لإيقاف تشريع القانون !!! ‘‘ .

ترك والدي منزل نوري السعيد مستغرباً تعليقات الباشا وتكتمه ؛وهو المعروف بعلاقاته وتعاونه مع الانكليز ( قبل أن يحرك الإنكليز عملائهم لإيقاف تشريع القانون !!! ).

وأضيف أنا ما يلي: في مذكرات محمد حديد طبع دار الساقي سنة 2006 وفي الصفحة 434 ، وتحت عنوان قانون الرقم 80 كتب ما يلي حرفيا:

’’... ووضعت شخصياً صيغة القانون المذكور، والذي لا تزال مسودته محفوظة لدي ... " , والذي أصدر فيما بعد باسم القانون الرقم 80 لسنة 1961 في 11/12/1961.

المؤكد أن السيد محمد حديد دقيق وصادق فيما كتبه في مذكراته ، ولا أشك بتاتاً بما كتب.

ولكني واثق من مصداقية والدي كما أثق بمصداقية ما سجله محمد حديد فكيف أفسر هذين الجانبين للموضوع ؟؟ . فهل أعد القانون المقترح في بيت نوري السعيد أو في مقر رئيس الوزراء (عبد الكريم قاسم ؛أو عند محمد حديد أو حتى أعد كما يقول آخرون من قبل الأستاذ إبراهيم كبة ؟ ) .

أم أن مصدر النص الإنكليزي هو نفسه في الحالتين ( ويعتقد والدي أن واضع ذلك النص قد يكون نديم الباججي) ثم ترجمت أنا مسودة أو أوليات هذا القانون نفسه ؟.

أرجو ان أستفيد من تعليقات وأراء من يستطيع إفادتي بهذا الموضوع ‘‘.

د. رمزي برنوطي

1/9/2008م .


* [1] مركريت مكميلان .باريس عام 1919م .ص.395-6. ولا ننسى أن الادميرالية (البحرية البريطانية) لم تكن في خدمة الإمبراطورية بل العكس وحيثما أحتاجت الادميرالية الى ميناء أو قاعدة أو مستعمرة ذهبت الإمبراطورية مسرعة .

** . D.Yergin .The Prize . , A Touchstone Book. London ,1991. pp183. [2]

*** لمزيد من التفاصيل والمطالعة يمكن الرجوع لمقالة السيد سليم شاكر الأمامي بالنقر على الوصلة.


رحم الله نوري السعيد هذا الذي لم يقدره العراقيين حق قدره وأتهموه بالعمالة والخيانة والتبعية.



free counters


مهند الشيخلي ... muhannad alsheikhly

ليست هناك تعليقات: