الأحد، 22 يناير 2012

أقوام من نسل حمّير



أقوام من نسل حمّير


في اليمن وعلى بعد 655 كم تقريبا من مدينة الحوطة بمحافظة لحج يعيش أبناء وأحفاد " تلّب بن حسن الحميري" أحد ملوك حمير ، ويبلغ عددهم بالمئات ، وهم يقطنون في منطقة تلب يافع لبعوس.
ففي قرية اليافعية الحميرية الجميلة التي تكسوها الخضرة وتحيط بها المدرجات الزراعية من كافة الجهات حيث تتدفق عليها السيول في مواسم الأمطار يعيش أقوام من نسل حمّير وكأنهم من أهل تلك الأقوام الغابرة فهم يتجاهلون القرن الحادي والعشرين وبكل ما به من تقدم ، فأبناء تُلَّب يتميزون بالطيبة والبراءة والكرم فهي من شيمهم.
 قد يندهش الزائر عند مقابلة أبناء تُلَّب من تلك التجاعيد في الشعر المنكوش على رؤوسهم فهم لا يمشطونه ، وكيف يسيرون حفاة الأقدام دون أنتعال أي أحذية أو نعل ، وكما لو كانوا يعيشون في القرون الوسطى.


فهذه المنطقة معزولة تمامآ عن العالم ، وهم يحتفظون بالغتهم الحميرية الأصيلة وهم لا يتعلمون ويمنعون أبنائهم من التعليم.
يتزوجون فيما بينهم فقط والمهر غندهم هو حفظ سورة من صغار السور القرآنية فهم يرفضون الاختلاط بالآخرين ، وإذا مرض أحدهم فهم يعالجونه بالعسل والأعشاب و الكي.


تزخر تُلَّب بـ 20  ألف شجرة بن حيث تعتمد الزراعة بالدرجة الأولى على مياه الأمطار ومن خلال السيول الآتية والمتدفقة من جبل اليزيدي و هربة و جبل ذي كباب و صوان وهي أسماء لجبال وشعاب تحمل للمزارعين كميات من المياه الغزيرة في موسم الأمطار.

ومع أنهم من الشعوب المسالمة وليست لديهم أي خصومات ومنازعات لكن تراهم يحملون السلاح ويتأبطون أحزمة مليئة بالرصاص لأسلحة تراثية قديمة ويحملون الجنابي من النوع المرصع بالذهب والفضة فهم لا يمكن لهم أن يفارقوا السلاح حتى عند وقت النوم.

يتعاطون القات كبقية أهل اليمن السعيد ولكن بصورة أقل ولديهم طبائع وتصرفات لايمكن البوح بها لأحد يسمونها الخصوصيات.
تقتصر حياة أحفاد "تلب" على الذكور حيث يربطهم رابط أسري قوي ولكن بعيدآ عن النساء فهم يخفونهم عن عيون الغرباء ويمنعونهن من الخروج إلا في الحالات الإضطرارية ، فهم يحيون بعيدآ عن التلفزيون و المذياع وبث شبكات اللاسلكية والهاتف المحمول ، فهي غير موجود في منطقتهم أصلآ.

تجمع عزلة "تلب" على عدة قرى منها ، نبب و دار الصلابة و القرية و ذراع المعلامة و ضرمئة و الدقة و أسفل هربة و أسفل تُلَّب و القرن.
 
لغة لسانهم تقول "ع النية" فلا يزيدون على ذلك إلا بإذن زعيمهم أو رئيسهم الذي يمنحهم الإذن بالكلام أو بالحديث مع أي شخص غريب أتى إليهم وهم لا يتكلمون اللغة العربية التي نتداولها عادة ، وإنما يتكلمون بلغتهم الحميرية حيث يرسل لهم كبيرهم إشارة بعينه أو بتقاسيم وجهه فقط فعندها ينطقون ببعض الكلمات الحميرية وهي السائدة بين حميريي تُلُّب.
و كلمة "ع النية" تعني كل واحد يمضي في سبيل حاله وعلى نيته ليظل شيخ المنطقة هو المتحدث بكل شيء وإن كان من حديث لشخص آخر فيكون بإذن الشيخ (صالح محسن الحميري).

يتكنون بأسماء مميزة كـ "دهشل علوي" و"تبّع" و"ذي نواس" و"شمر
يهرعش" و"ذي القرن"، وهم يفتخرون بأسمائهم وأشكالهم الحمّيرية التي يتوارثون عاداتها جيلا بعد جيل.

هذا هو الحميري الذي تتجسد فيه أساليب الحياة القديمة والأصيلة ونمط العيش الفريد
والعادات والتقاليد والأعراف القبلية العربية القديمة جدآ والشاهد الحي على تاريخ سرو حمير وحضارتها القديمة.



مهند الشيخلي ... muhannad alsheikhly

ليست هناك تعليقات: