نهـر الوند مُقبـِل على كارثة بيئية حكمت محمد فرحان مستشار موارد مائية أولا:- 1 ) ينبع نهرا دجلة والفرات من تركيا ويجريان في أراضيها منذ آلاف السنين كدولة (منبع) إذ تستخدم جزءاً من مياههما بسبب قلة مساحة الأراضي الزراعية على جانبيهما لأنهما يجريان ضمن سلاسل جبلية. ثم يجريان في الأراضي السورية حيث تستخدم هي الأخرى جزءاً ضئيلاً من مياههما بواسطة النواعير والمضخات ويدخل نهر الفرات الأراضي العراقية في حصيبة ويجري ليروى بالنواعير مساحات صغيرة من الأراضي العالية (من حصيبة حتى هيت) ثم ليروي سيحاً الأراضي الصالحة للزراعة من أبي غريب حتى الأهوار في منطقة الناصرية...ا كما كانت مواسم الفيضان العالية مدمرة للأراضي والقرى والمدن العراقية طيلة آلاف السنين في حين لا تتأثر الأراضي التركية والسورية بذلك. ونفس هذه الحالات تسري على نهر دجلة...ا 2 ) بعد التطوير الهندسي العالمي في إنشاء السدود في خمسينات القرن العشرين وما بعدها دخل العراق في مباحثات مع تركيا لغرض تأمين حقوقه في مياه نهر الفرات حيث كان معدل الوارد المائي السنوي له في حصيبة يساوي (27,40) مليار متر مكعب وبنسبة أملاح تساوي (300) جزء بالمليون ودخل في مباحثات تفصيلية معها في الستينات وأوائل السبعينات لغرض التوصل إلى قسمة عادلة لمياه نهر الفرات استناداً إلى قواعد وأعراف القانون الدولي ولحقوقه التاريخية كدولة مجرى ومصب في مياه نهر الفرات مع الأخذ بنظر الاعتبار حقوق تركيا ضمن مساحات أراضيها في حوض النهر والتي لا تتجاوز احتياجاتها (10%) كمعدل من الوارد المائي للنهر ومثلها لسوريا والباقي للعراق وهو حوالي (80%)...ا 3 ) تزامن انجاز سد كيبان في تركيا بسعة خزن (30,5) مليار متر مكعب وسد الطبقة في سوريا بسعة خزن (14) مليار متر مكعب عام 1975، والمباشرة بالخزن مما أدى إلى قطع المياه تقريباً عن العراق في نهر الفرات ومر العراق بسنوات شحة كبيرة في المياه في حينه أثرت على الزراعة والاحتياجات الأخرى...ا 4 ) ومع كل محاولات العراق مع تركيا للتوصل إلى صيغة عادلة لقسمة المياه بينهما كدولة منبع وبين العراق كدولة مجرى ومصب كانت تستهلك حوالي (80%) من مياه نهر الفرات وسوريا التي يمر بها نهر الفرات لم ينجح العراق في ذلك...ا وطرح الجانب التركي في السبعينات تجهيز المياه لقاء النفط ورفض العراق رفضاً قاطعاً ذلك. واستمرت تركيا بسياسة التسويف ولم تستجب لحقوق العراق...ا ثانياً:- قام العراق بإنشاء سد حديثة لغرض تأمين خزن (8) مليار متر مكعب وتوليد الكهرباء وبوشر بالخزن فيه عام 1986. كما قام بإنشاء قناة تربط خزان الثرثار بنهر الفرات لغرض تحويل جزء من المياه المخزونة في الثرثار إلى نهر الفرات لمعالجة جزء من شحة الموارد المائية. كما قام لاحقاً بتنفيذ ذراع الثرثارــ دجلة الذي يغذي المياه من خزان الثرثار إلى نهر دجلة شمالي بغداد لتغذية أراضي جنوب العراق على نهر دجلة...ا إن ديمومة إمكانية تجهيز المياه من خزان الثرثار إلى نهري دجلة والفرات محكومة بالموارد المائية التي تطلق إلى خزان الثرثار من نهر دجلة مقدم سدة سامراء للتعويض عن المياه المفقودة بالتبخر والرشح ولتغذية نهري الفرات ودجلة من خلال القناتين المارتي الذكر مع الأخذ بنظر الاعتبار أن جزءاً رئيساً من مياه الخزان هو خزن ميت لا يمكن الاستفادة منه لتغذية النهرين إضافة إلى زيادة نسبة تركيز الأملاح في مياهه كلما نقصت كميات الخزن...ا ثالثاً:- قامت تركيا بإنشاء سد أتاتورك الكبير بسعة خزن (48) مليار متر مكعب على نهر الفرات مع قيامها بحفر أنفاق عبر سلسلة جبال الأناضول لغرض إمرار مياه نهر الفرات إلى مشروع الأناضول الكبير خارج حوض نهر الفرات وهذا غير مسموح به بموجب العرف والاتفاقيات الدولية. وبهذا ستستهلك تركيا الجزء الأكبر من مياه نهر الفرات والمتبقي لسوريا والعراق وبنوعية مياه غير صحية حيث ستكون بنسبة أملاح بين 1250 و 1350 جزء بالمليون بينما المسموح به بموجب منظمة الصحة العالمية 500 جزء بالمليون. هذا إضافة إلى احتوائها على مخلفات المجاري القذرة ومخلفات الصناعة...ا رابعاً:- كما باشرت تركيا بإنشاء منظومة سدود على نهر دجلة وستباشر بإنشاء سد (أليسو) بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي وتحويل المياه إلى مشروع الأناضول الكبير وبهذا سينخفض معدل إيرادات المياه إلى العراق من عمود نهر دجلة بمقدار (11) مليار متر مكعب...ا خامسا:- المياه المشتركة مع إيران 1 ) إن مشكلة الأنهر الحدودية والأنهر المشتركة مع إيران ابتدأت عندما قامت إيران بإنشاء سد على نهر الوند عام 1960 أيام حكم الشاه وقطعت المياه عن مدينة خانقين تجاوزا على حقوق العراق وخلافاً للأعراف الدولية وحسن الجوار...ا ثم قامت بإنشاء سدودها على وديان مندلي والنفط خانه وقطعت مياهها عن العراق...ا 2 ) بعد اتفاقية الجزائر عام 1975 تم تشكيل لجنة عراقية إيرانية مشتركة (للأنهر الحدودية والأنهر المشتركة) عقدت العديد من الاجتماعات خلال ثلاث سنوات ولم يستجيب الجانب الإيراني إلى حقوق العراق في هذه المياه وتوقفت المباحثات وأعمال اللجنة المشتركة بعد قيام الحرب العراقية – الإيرانية عام 1980...ا 3 ) قامت إيران بتنفيذ برنامج للسدود متجاوزة على حقوق العراق في گلال بدره والطيب والدويريج ونهر الكرخه ونهر الكارون مع مشاريعها الزراعية...ا 4 ) ومع ذلك استمرت إيران بإطلاق تصريف عالي من المياه من نهر الكرخة إلى هور الحويزة ثم شط العرب بلغ معدلها السنوي حوالي (6) مليار متر مكعب سنوياً منذ السبعينات حتى عام 2007 حيث قامت بتحويل المياه إلى داخل إيران وإنشاء سدة ترابية على الحدود الدولية بين العراق وإيران داخل هور الحويزة وبذلك قطعت المياه عنه وعن تغذية شط العرب بالمياه الحلوة...ا كما استمرت بإطلاق مياه نهر الكارون طيلة المدة الماضية منذ السبعينات حتى العام الماضي بمعدل تصريف يصل إلى (800) متر مكعب بالثانية وبكمية سنوية تصل إلى (14) مليار متر مكعب إلى شط العرب لتحليته من مياه المد البحري وثم قامت عام 2009 بتحويل مياه نهر الكارون إلى داخل إيران وقطعته كلياً عن تجهيز شط العرب وبهذا انقطعت المياه الحلوة المغذية لشط العرب إضافة إلى انقطاعها تقريبا من دجلة والفرات بسبب تعسف تركيا تجاه حقوق العراق وارتفعت الملوحة في شط العرب إلى معدلات عالية تهدد الحياة الزراعية والحيوانية والبشرية داخل منطقة البصرة علماً أن تحلية مياه شط العرب كانت من مياه نهري الكرخة والكارون أكثر منها من مياه دجلة والفرات طيلة أكثر من ثلاثين عاماً الماضية هذا إضافة إلى أن إيران باشرت بتحويل شط العرب إلى منطقة صناعية وتجارة دولية مما يهدد مستقبل هذا المجرى المائي وسلامة الزراعة والثروة الحيوانية فيه...ا سادسا:- الموارد المائية للعراق والاحتياجات: كنتيجة لما جاء أعلاه فأن الموارد المائية للعراق والاحتياجات ستكون كما يلي:- 1 ) معدل الإيراد السنوي لنهر الفرات قبل إكمال تركيا سدودها = 27.40 مليار م3...ا معدل الإيراد السنوي لنهر دجلة وروافده قبل إكمال تركيا سدودها = 49.48 مليار م3...ا معدل الإيراد السنوي لنهر دجلة الرئيس عند الحدود قبل إكمال تركيا سدودها= 19.43 مليار م3...ا 2 ) الإيراد السنوي لنهر الفرات بعد إكمال تركيا سدودها ومشروع الـ Gap=7.68 مليار م3...ا وبنسبة أملاح= 1250- 1350 جزء بالمليون بينما المطلوب بموجب المعايير الدولية = 400- 500 جزء بالمليون - الإيراد السنوي لنهر دجلة الرئيس عند الحدود بعد إكمال تركيا سدودها = 9.16 مليار م3...ا 3 ) الإيراد السنوي لروافد دجلة داخل العراق:- الزاب الكبير =14مليار م3...ا الزاب الصغير=7 مليار م3...ا العظيم = 0.7 مليار م3...ا ديالى = 4 مليار م3...ا وستكون الاحتياجات المائية كما يلي:- الاحتياجات المائية للدونم في حالة الاستصلاح وتبطين الجداول والقنوات = 3230 م3/دونم/سنة...ا - مجموع المساحات المتاحة للإرواء في العراق = 22,86 مليون دونم...ا - المساحة الإجمالية المستهدف إرواؤها في المستقبل = 13مليون دونم بسبب نقص الموارد المائية...ا علماً أن إيران قطعت حصة العراق من الأنهار والوديان المشتركة كلياً (الكارون،الكرخة،الطيب, دويريج ،گلال بدره، مندلي،الوند,سيروان الرافد الرئيس لنهر ديالى)...ا وبهذا سيكون الموقف عام 2015 كما يلي:- مجموع واردات العراق من المياه = 43.93 مليار م3...ا الاحتياجات المائية للعراق لكافة القطاعات =75.5 مليار م3...ا العجز بالمياه سنوياً سيكون = 31.57 مليار م3...ا النتيجة:- إن العجز في موارد المياه أعلاه يعني:- إلغاء إنعاش الأهوار مع إخراج 3.5 مليون دونم من الأراضي الزراعية من الإرواء أو:- تقليص المساحات الزراعية بمقدار (9) مليون دونم من الزراعة والإبقاء على رقعة زراعية مروية (4) مليون دونم فقط وهذا يشكل كارثة للعراق...ا علماً أن الموارد المائية ستكون بنسبة أملاح أعلى من معايير منظمة الصحة الدولية...ا سابعاً:- العوامل الداعمة لمطالبات العراق بحقوقه من المياه المشتركة:- 1 ) البعد التاريخي : إذ يجري نهرا دجلة والفرات داخل الأراضي العراقية لآلاف السنين لمسافة (1100) كيلو متر لكل منهما ويروي الأراضي الزراعية ويتحمل كوارث الفيضانات والأوبئة الناجمة عنها ودمار القرى والمدن وقامت حضارات عريقة عليهما في العراق وتم إنشاء المدن والمعالم الأخرى بموجب ذلك...ا وبهذا فالعراق دولة مجرى ومصب وله حقوقه بموجب العرف والاتفاقيات الدولية للحالات المشابهة...ا 2 ) عند قيام تركيا بإنشاء سدودها على نهر الفرات قامت بتصميم المهرب الاضطراري لتفريغ السد من المياه بتصريف (17500) متر مكعب بالثانية وقامت سوريا بتصميم المهرب الاضطراري لسد الطبقة بتصريف (19000) متر مكعب بالثانية...ا وإذا علمنا أن استيعاب ناظم الورار وبحيرة الحبانية وناظم المجرة إلى منخفض أبي دبس مصممة على أساس إمرار تصريف (2800) متر مكعب بالثانية تم رفعه تجاوزاً في فيضان عام 1969 إلى (3025) متر مكعب بالثانية وهو يشكل خطراً على سلامة هذه المنشآت. علماً أن تصريف عمود نهر الفرات بعد الرمادي (2500) متر مكعب بالثانية...ا فلنأخذ إمكانية اضطرار تركيا إلى تفريغ سريع لسد كيبان أو سد أتاتورك بهدف إنقاذهما من أي خلل قد يحصل فيهما أي أنها ستطلق تصريفاً مقداره (17500) متر مكعب بالثانية وستقوم سوريا بإمراره من خلال المهرب الاضطراري لسد الطبقة إلى العراق الذي سيكمل الخزن في الفراغ المتبقي أمام سد حديثة حيث لن يستوعب أكثر من (8) مليار متر مكعب أي أن المتبقي سيكون أكثر من (20) مليار متر مكعب وبتصريف طاغٍ يمكن تحويل جزء بسيط منه كما جاء أعلاه إلى منخفض أبو دبس وستحيل الموجه الطاغية من المياه مدن العراق في حوض نهر الفرات من الرمادي حتى البصرة وبضمنها بغداد إلى خراب كامل وستحل الكارثة بالعراق. هذا بالإضافة إلى إمكانية حدوث انهيار في احد سدود تركيا وطوفان العراق...ا أن هذا العامل يشكل عنصراً داعماً مهماً لمطالبات العراق...ا 3 ) أما بالنسبة للمياه المشتركة مع إيران فيتطلب اتخاذ موقف واضح لغرض قيامها بإعادة تغذية شط العرب وهور الحويزة بمياه نهري الكارون والكرخة كما كان لآلاف السنين ولغاية قبل عامين من الآن. وكذلك إطلاق حصص العراق في نهر سيروان والوند والأنهر والوديان الأخرى...ا ثامناً:- الموقف المطلوب من الحكومة العراقية 1 ) إثارة موضوع المياه المشتركة مع تركيا لدى هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها والمنظمات الدولية الأخرى كالاتحاد الأوربي ومحاولة وضعها احد شروط تعاونها معها. وان تطلب الأمر الذهاب إلى المحكمة الدولية...ا 2 ) ربط توقيع أية اتفاقية تجارية أو استثمارية مع تركيا وإيران بتوقيع اتفاقية واضحة الحقوق والالتزامات وبأرقام صريحة للمياه المشتركة...ا 3 ) القيام بحملة جماهيرية وإعلامية واسعة في العراق وفي العالم لدعم حقوق العراق في المياه مع الدولتين...ا |